الكتالوغ المرافق لمعرض “ Otherwise Occupied ” للفنّانَين بشير مخّول وعيسى ديبي، والذي أقيم في بينالي البندقيّة في الفترة بين 29 أيّار – 30 حزيران من العام 2013. استكشف المعرض، من خلال أعمال الفنانَين، تعدّديّة المواقف الفلسطينيّة مع عدم وجود دولة فلسطينيّة، ووجود العديد من الدول الفلسطينيّة في آن واحد، وهو ما يُعدّ المثال الأفضل على ما أسماه بنديكت أندرسون “المجتمعات المُتخيّلة”.
كفنّانَين فلسطينيّين، تنشغل أعمالهما حتماً بالسياسة، ومع ذلك، وكما أوضح كلّ منهما في معرضهما المشترك، فإنه من الضروري ألّا يتمّ تعريف فلسطين فقط باعتبارها بلد محتلّ، وهو ما سعيَا إلى التأكيد عليه عبر تقديم طرق مغايرة لتخيّل الأمّة التي ينتميان إليها خارج الصراع وأبعد منه.
يولي مخّول وديبي أهميّة كبيرة في أعمالهما للعب والأداء في الفنّ كانشغال بديل، وبحسب الفنّانَين، فإن الفنّ قادر على شغل المساحات الثقافيّة التي يتعذّر الوصول إليها بطرق أخرى، أو أنّها غير مرئيّة، كما أنّه يقدّم طرقاً للتفكير بشكل مختلف.
تُسائل أعمال مخّول وديبي في هذا المعرض الهويّة الفلسطينيّة بشكل نقدي وفنّي، وتدعو إلى التفكير من خلال نزع الإقليميّة عن فلسطين وقضايا التشتّت والتعدّدية والاقتلاع. وكِلا الفنّانَين، سواء كانا يستكشفان الأفعال الاستعماريّة المعاصرة، أو يلعبان لعبة خطرة، أو يغوصان في الأرشيف ويبحثان في قضايا من التاريخ، حين كانت الهويّة الفلسطينيّة جزءاً من هويّة شيوعيّة كونيّة تبحث عن اليوتوبيا، فإنهما يمارسان أداء التفكير المغاير.
لا ينظر المعرض إلى الاحتلال فقط باعتباره مشكلة سياسيّة مُستعصية ومزمنة للاستعمار المستمر لفلسطين، وإنما على أنّه شكل من أشكال التوظيف، فأن تكون مشغولاً “بشيء آخر” يعني أن تكون مشغولاً في مكان آخر، وأن تشارك في أنشطة خارج البرنامج المُعدّ للآخرين. وبالنسبة لفنانَيّ الشتات، مخّول وديبي، فإنّ “الشيء الآخر” يفتح المُخيّلة على مساحة موازية للتفكير في المكان والهويّة والانتماء، خارج الحدود التي خطّها الاستعمار، وبعيداً عن ادّعاءات القوميّة التي ترصدها وتجترحها الأحداث الثقافيّة العالميّة مثل بينالي البندقيّة، فهنا أيضاً مساحة مُتاحة للعب والتفكير بطرق أخرى.